عُكاشة بن محصن بن حرثان
عُكاشة،صحابي من المهاجرين، السابقين الأولين، البدريين، أبلى يوم بدر بلاء حسناً، وانكسر سيفه فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجوناً من نخل أو عوداً؛ فعاد بإذن الله في يده سيفاً، فقاتل به وشهد به الغزوات كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورد ذكره في الصحيحين في حديث ابن عباس في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فقال عكاشة: مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعُ الله أن يجعلني منهم، قال: أنت منهم، فقام آخر فقال: سبقك بها عكاشة. فذهبت مثلاً حتى يومنا هذا.
استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على سرية الغمر فلم يلقوا كيداً، ثم أرسله خالد بن الوليد رضي الله عنه مع ثابت بن أقرم الأنصاري العجلاني طليعة له على فرسين؛ في حروب الردة يوم (بزاخة)، فظفر بهما طليحة بن خويلد الأسدي فقتلهما.
----------------------------
عثمان بن مظعون
( 3هـ)
هو: عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، أبو السائب الصحابي، الجمحي القرشي.
ولد في مكة المكرمة في الجاهلية، وكان يحرم الخمر، أسلم مبكراً قبل دخول الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة، وهناك سمع أن أمية بن خلف يسبّه، فقال:
أتيم بن عمرو .. والذي فار ضغنه --- ومـن دونه الشرمان والبرك أجمع
أأخرجتني من بطن مكــة آمناً --- وألحقتني في سـرح بيضـاء تقدع
تريش نبالاً لايؤاتيك ريشــها --- وتبري نبالاً ريشــها لك أجمع
فكيف إذا نابتك يوماً ملــمة --- وأسلمك الأوباش من كنت تجمع
ثم رجع إلى مكة وكان أذى قريش قد اشتدّ على المسلمين، فدخل في جوار الوليد بن عتبة ليحميه، فكان يروح ويغدو آمناً، ثم إنه ردّ جوار الوليد، واختار جوار الله سبحانه وتعالى، فبينما هو جالس مع الشاعر لبيد بن ربيعة العامري،
في فناء الكعبة وهو ينشد قريش شعراً قوله:
ألا كلّ شيءٍ ما خلا الله باطل
فقال عثمان: صدقت.
فقال لبيد: وكل نعيم لامحالة زائل
فقال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لايزول، فاستعدى عليه لبيد قريشاً، فقام رجل فلطمه على عينه فآذاه،
فقال له الوليد: فقد كنت في ذمة منيعة،
فقال عثمان: بلى والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى ما أصاب أختها في الله،
ثم أنشد:
فإن تك عيني في رضا الربّ نالها --- يدا ملحـد في الدين ليس بمهتد
فقد عـوّض الرحمن منها ثوابه --- ومن يرضه الرحمـن ياقوم يسعد
فإني وإن قلتم غويّ مضــلل --- ســفيه على دين النبي محمـد
أريد بذاك الله والحــق ديننا --- على رغم من يبغي علينا ويعتدي
وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية فجمع الهجرتين، ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدراً.
كان عثمان رضي الله عنه عابداً متشدداً في عبادته، يصوم النهار، ويقوم الليل، فجاءت امرأته إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم وشكت إليهن ذلك، فذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلقي عثمان وقال :" أما لك بي أسوة؟"، فقال عثمان: بلى جعلني الله فداك، فقال: "إن لعينيك عليك حقاً، وإن لجسدك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً، فصلّ ونم، وصم وأفطر".
وعن أبي قلابة أن عثمان اتخذ بيتاً يتعبد فيه، فأتاه الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخذ بعضادتي الباب وقال:" ياعثمان إن الله لم يبعثني بالرهبانية .. وإن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة".
توفي رضي الله عنه في السنة الثانية للهجرة، وقيل على رأس ثلاثين شهراً، في السنة الثالثة، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقبله ميتاً، حتى رؤيت دموعه تسيل على خد عثمان، وقال له:"رحمك الله ياعثمان ما أصبت من الدنيا وما أصابت منك".
قالت زوجته ترثيه:
ياعين جودي بدمــع غير ممنون علــى رزية عثمان بن مظعون
على امرئٍ كان في رضوان خالقه طوبى له من فقيد الشخص مدفون
طاب البقيع له سكـنى وغرقده وأشــرقت أرضه من بعد تفتين
وأورث القلب حزناً لاانقطاع له حتى المــمات وماترقى له شوني
وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين، وأول من دفن منهم بالبقيع، رضي الله عنه وأرضاه.
---------------------------------